بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
القول في الاستعاذة
وفيها اثنتا عشرة مسألة:
الأولى: أمر الله تعالى بالاستعاذة عند أول كل قراءة فقال تعالى: فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم أي إذا أردت أن تقرأ؛ فأوقع الماضي موقع المستقبل كما قال الشاعر: وإني لآتيكم لذكري الذي مضى من الود واستئناف ما كان في غد
أراد ما يكون في غد؛ وقيل: في الكلام تقديم وتأخير، وأن كل فعلين تقاربا في المعنى جاز تقديم أيهما شئت؛ كما قال تعالى: ثم دنى فتدلى المعنى فتدلى ثم دنا؛ ومثله: اقتربت الساعة وانشق القمر وهو كثير.
الثانية: هذا الأمر على الندب في قول الجمهور في كل قراءة في غير الصلاة. واختلفوا فيه في الصلاة. حكى النقاش عن عطاء: أن الاستعاذة واجبة، وكان ابن سيرين والنخعي وقوم يتعوذون في الصلاة كل ركعة، ويمتثلون أمر الله في الاستعاذة على العموم، وأبو حنيفة والشافعي يتعوذان في الركعة الأولى من الصلاة ويريان قراءة الصلاة كلها كقراءة واحدة؛ ومالك لا يرى التعوذ في الصلاة المفروضة ويراه في قيام رمضان